رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما تيسر من سيرة المكرَّمين فى المهرجان القومى للمسرح

القومى للمسرح
القومى للمسرح

فى دورته الـ١٥هذا العام، التى تختتم فعالياتها غدا يكرم المهرجان القومى للمسرح نخبة من المبدعين المسرحيين، من الذين أفنوا أعمارهم فى عشق المسرح وخشبته، على رأسهم اسما الفنانة القديرة أمينة رزق، والمخرج الكبير عبدالرحيم الزرقانى، بالإضافة إلى الممثلين القديرين صبرى عبدالمنعم وعايدة فهمى، ومهندس الديكور فادى فوكيه.

ومع إعلان النسخة الـ١٥ «دورة المخرج المصرى»، يكرم المهرجان القومى للمسرح عددًا من كبار المخرجين الذين أثروا الحركة المسرحية، مثل عصام السيد، وناصر عبدالمنعم، ومحمد صبحى، وأحمد إسماعيل، ومراد منير، إلى جانب الاحتفاء باسم المخرج عزيز عيد، عبر إطلاق اسمه على دورة هذا العام. 

فى السطور التالية، نستعرض سيرة بعض المبدعين الذين سيتم تكريمهم خلال الدورة الحالية من المهرجان القومى للمسرح، تقديرًا لما قدموه من جهود قيمة لإثراء الحركة المسرحية المصرية، بعدما تناولنا فى الأعداد الماضية أسماء بعضهم، مثل الفنان الكبير محمد صبحى، والمخرج الراحل عزيز عيد.

أمينة رزق : راهبة الفن التى فضلته على الزواج

رغم التاريخ الكبير للفنانة أمينة رزق، التى لُقبت بـ«أم الفنانين»، وأعمالها المتميزة على خشبة المسرح، بالإضافة إلى كونها صاحبة أطول مسيرة فنية فى تاريخ السينما العربية، يعد تكريمها فى هذه الدورة التكريم المسرحى الأول لها، وشهد إطلاق كتاب خاص عنها، حرره الناقد الكبير عمرو دوارة. 

ولدت الفنانة الكبيرة فى ١٥ أبريل ١٩١٠ بمدينة طنطا فى محافظة الغربية، وبلغ رصيدها الفنى على خشبة المسرح أكثر من ٣٠٠ عمل مسرحى، بالإضافة إلى رصيدها فى السينما والدراما التليفزيونية، خلال مسيرتها التى استمرت ٧٨ عامًا، حتى رحيلها فى أغسطس ٢٠٠٣.

ظهرت أمينة رزق لأول مرة على خشبة المسرح فى عام ١٩٢٢، حيث غنت إلى جوار خالتها الفنانة أمينة محمد، ضمن إحدى مسرحيات فرقة على الكسار، على أحد مسارح روض الفرج، ثم انتقلت بعدها للعمل مع فرقة رمسيس المسرحية، التى أسسها الفنان يوسف وهبى عام ١٩٢٤، وظهرت فى مسرحيته «راسبوتين»، ثم شاركته التمثيل فى معظم مسرحيات الفرقة، وارتبطت به أستاذًا وفنانًا، لكنها لم تتزوجه، ولم تتزوج أبدًا بسبب عشقها الفن.

عملت أمينة رزق مع أجيال متعددة من المخرجين، منذ جيل الرواد، مثل يوسف وهبى وعزيز عيد وزكى طليمات وفتوح نشاطى، مرورًا بكل من عبدالرحيم الزرقانى ونبيل الألفى وحمدى غيث وكرم مطاوع وجلال الشرقاوى وسعد أردش، وصولًا إلى الأجيال الحالية، ومنهم عصام السيد، مخرج مسرحية «الليلة الثانية بعد الألف»، التى قدمتها على خشبة مسرح الهناجر فى عام ٢٠٠٢.

وتميزت أمينة رزق بالالتزام الشديد فى المسرح، وحفلَ مشوارها بالعديد من التكريمات والجوائز، منها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إلى جانب عدد من الجوائز لأحسن ممثلة عن أعمالها السينمائية، وتم تعيينها عضوًا بمجلس الشورى المصرى فى عام ١٩٩١.

عصام السيد : أخرج 50 عملًا على مسارح الدولة والقطاع الخاص

يحتفى المهرجان القومى للمسرح فى هذه الدورة بالمخرج الكبير عصام السيد، عبر إصدار كتاب تذكارى عن مسيرته الفنية، حرره الناقد المسرحى باسم صادق.

ويعد عصام السيد واحدًا من المخرجين المتميزين، الذين أثروا المسرح المصرى فى القطاعين العام والخاص، بإخراجه ما يزيد على ٥٠ عملًا مسرحيًا، منذ عام ١٩٨١، فى مسارح الدولة والقطاع الخاص والتليفزيون والثقافة الجماهيرية.

ولد المخرج عصام السيد فى عام ١٩٥٢، وتخرج فى قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية بجامعة عين شمس عام ١٩٧٤، ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا فى التربية وعلم النفس.

شغل منصب مدير عام المسرح الكوميدى بوزارة الثقافة فى الفترة من ١٩٩٥ إلى ٢٠٠٢، وأشرف بعدها على الإنتاج المسرحى بقطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى، وعمل مستشارًا فنيًا لرئيس قطاع الإنتاج الثقافى، ثم تولى منصب مدير عام إدارة المسرح بقطاع الثقافة الجماهيرية فى عام ٢٠٠٨، ثم رئيسًا للإدارة المركزية للشئون الفنية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وفى عام ٢٠١١، تولى رئاسة البيت الفنى للفنون الشعبية، حتى خروجه على المعاش فى ٢٠١٢.

تحدث المخرج عصام السيد كثيرًا عن أثر المخرج الراحل حسن عبدالسلام فى مشواره الفنى، قائلًا: «خلال رحلتى، لم يبخل الأستاذ علىّ بعلمه، كان دائمًا يشرح لى ويفسر ويُطلعنى على سر الصنعة، وفى هذا هو من القلائل النادرين الذين لا يبخلون بعلمهم وخبرتهم».

وأضاف: «ذات يوم، فاجأنى بأن طلب منى أن أخرج أحد المشاهد، وصعد إلى مكتبه، وبعد أن انتهيت اكتشفت أنه كان يراقبنى، وشرح لى- على انفراد- أخطائى، وفيما بعد قام بتعديل المشهد، وبعدها بأيام فوجئت به يهدينى أول فرصة إخراج لى فى المسرح المحترف، دون أن أطلبها».

وواصل: «قد يرى البعض الأمر بسيطًا، ولكن أن تعطى فرصة لشاب فى وسطنا المسرحى هو أمر يساوى العنقاء والخل الوفى، خاصة لو كان هذا الشاب هو مساعدك، أما أن تعطيها له دون أن يطلب فلم أرها أو أسمع بها فى حياتنا المسرحية على الإطلاق، والحقيقة أن الكتابة عن الأستاذ حسن عبدالسلام إنسانيًا تحتاج إلى سنوات، وفنيًا تحتاج إلى مجلدات».

ناصر عبدالمنعم : عاشق التاريخ و«مسرحة الرواية»

تضم قائمة المكرمين أيضًا فى هذه الدورة المخرج الكبير ناصر عبدالمنعم، وصدر بهذه المناسبة كتاب تذكارى عن مسيرته، أعدته وحررته الناقدة المسرحية هند سلامة.

ولأعمال ناصر عبدالمنعم مذاق خاص، فهو مخرج صاحب رؤية ومدرسة متفردة فى صناعة العمل المسرحى، اهتم بالتاريخ وبمساءلته، وطرح رؤى جديدة ميزت أعماله، واهتم بـ«مسرحة الرواية»، فقدم «حكايات ناس النهر» و«نوبة دوت كوم»، معتبرًا أن «هذا العالم الأكثر ثراءً، ومنحه إمكانية لطرح موضوعات جديدة دومًا.

المخرج بالمسرح القومى ولد فى ١٣ يناير ١٩٥٨، وبدأ ممارسة المسرح منذ المرحلة المدرسية، واستمر خلال دراسته الجامعية، وصولًا إلى بدء تجربة «مسرح الشارع»، وكتب فى هذه المرحلة مجموعة من النصوص، منها: «النديم»، و«الناس اللى دوغرى»، و«وسط البلد».

أخرج ناصر عبدالمنعم أكثر من ٥٠ عرضًا مسرحيًا لفرق مسرح الدولة والقطاع الخاص والثقافة الجماهيرية، منها: «رحلة حنظلة، واليوم السابع، وطفل الرمال، والمتاهة، والطوق والأسورة، والأميرة تنتظر، وأيام الإنسان السبع، وناس النهر، وأحدب نوتردام». كما تضم قائمة أعماله: «المراكبى، وأولاد الغضب والحب، ووسط البلد، وزهرة الصحارى، ومساء الخير يا مصر من ٣ أجزاء (١٩٩٦ حتى ١٩٩٨)، ومصر لما تضحك، ورجل القلعة، وخالتى صفية والدير، ونوبة دوت كوم». وحصل المخرج الكبير على العديد من الجوائز، أهمها جائزة الدولة للتفوق عام ٢٠٠٨، وجائزة أفضل مخرج فى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى ١٩٩٦ عن عرض «الطوق والأسورة»، وجائزة أفضل مخرج من المهرجان القومى للمسرح ٢٠٠٧، عن عرض «رجل القلعة».

كما حاز جائزة أفضل مخرج فى المهرجان القومى للمسرح ٢٠١٣، عن عرض «ليل الجنوب»، وجائزة الشيخ محمد سلطان القاسمى من مهرجان الهيئة العربية للمسرح ٢٠١٨ عن عرض «الطوق والأسورة»، وجائزة أفضل عرض متكامل من أيام قرطاج المسرحية ٢٠١٩ عن عرض «الطوق والأسورة» أيضًا.

فادى فوكيه : 40 سنة عطاء على «خشبة أبوالفنون»

يكرم المهرجان أيضًا السينوغرافر فادى فوكيه، وصدر بهذه المناسبة كتاب تذكارى عن مسيرته، أعده وحرره الدكتور محمد سمير الخطيب، الناقد المسرحى. فادى فوكيه مصم ديكور وأزياء، أفنى عمره فى خدمة «أبو الفنون»، شأنه شأن معظم مهندسى الديكور والأزياء، يعمل فى الظل بصمت دون أى ضجيج، يعشق المسرح ولم يبخل عليه بوقته وعمره، ووهب له حياته كسينوغرافر ومخرج وكادر إدارى مسرحى. ويُعد أيضًا من رواد كسر القوالب التقليدية لشكل الديكور داخل العلبة المسرحية، هو الذى يحمل لواء رفض «البانوهات» وابتكار القطع المسرحية سهلة التشكيل ومتعددة الاستخدامات، خلال ٤٠ عامًا من العطاء.

عمل فى أكثر من ٧٠ مسرحية، وهو فنان تشكيلى ذو ثقافة مصرية خاصة، وكواليسه شديدة الجمال فى أى عمل يقدمه، وله بصمات واضحة على جميع الأشكال الإنتاجية فى مؤسسات عديدة بوزارة الثقافة، منها: البيت الفنى للمسرح، وهيئة قصور الثقافة، والمسرح الكنسى، والمسرح الجامعى فى مصر. نشأته فى منطقة شعبية أثرت بشكل كبير فى وجدانه، وبداية تعارفه بالمسرح كانت فى مسرح الطليعة، وبدايته الحقيقية جاءت من بوابة الفن التشكيلى. ولد فى ١٠ ديسمبر ١٩٥٦ بشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، هو الشقيق الأكبر للقاص المصرى فيكتور فوكيه، حصل على بكالوريوس تربية فنية قسم «نحت» بجامعة حلوان فى الزمالك ١٩٨٢، ودبلوم دراسات عليا فى النقد الفنى من أكاديمية الفنون المصرية ١٩٨٧.

وحصل على عضوية نقابة الفنانين التشكيليين «شعبة ديكور»، وهو عضو نقابة المهن التمثيلية «شعبة الإخراج»، وعضو اتحاد الفنانين العرب، وفرقة المسرح القومى، ولجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة «٢٠١٨/٢٠١٩».

شغل العديد من المناصب والوظائف الإدارية، منها مقرر لجنة التحكيم للمهرجان القومى للمسرح المصرى لعدة دورات، ورئيس للجنة البرامج والعروض فى دورات أخرى، كما كان عضوًا بعدد من اللجان الحيوية، مثل: لجنة اختيار مرشحى جائزة الدولة التشجيعية ٢٠١٩، ولجنة اختيار المرشحين لمنحة الفنون فى إيطاليا ٢٠١٩.