رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تجار الفولورز».. «الدستور» يكشف كيف تصنع «بلوجر» من الوهم؟

مواقع التواصل الاجتماعي
مواقع التواصل الاجتماعي

أكثر من عام ونصف العام حاول فيها "عبدالله" زيادة أعداد المتابعين على صفحته ورفع معدل التفاعل عليها، كي يدخل عالم «البلوجرز»، إلا أنه لم يستطع من خلال المحتوى الذي يقدمه فقط، لا سيما أنه جرب الإعلانات الممولة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إلا أن التفاعل كان يزيد ببطء.

يقدم عبدالله محتوى تقييم الطعام، أو الذي يسمى في عالم السوشيال ميديا بـ«الفود بلوجرز»، وهو شخص يقوم بالتصوير داخل مطاعم مختلفة لتجربة مأكولات وإعطاء تقييم للمشاهدين، إلا أن التفاعل الضعيف على صفحته دفعه لمحاولة كسب متابعين عبر إحدى الصفحات التي توفر ذلك الأمر.

يقول: «كان فيه إعلان عن زيادة أعداد المتابعين مقابل مبالغ مالية، فكان المبلغ المطلوب 50 ألف جنيه مقابل 7500 متابع، إلى جانب أسعار مختلفة للتفاعل أو اللايك والفولو على الفيسبوك أو الإنستجرام ودفعت بالفعل عشان أزود عدد المتابعين».

يوضح أنه فوجئ بأن الحسابات التي قامت بمتابعته وهمية، وحين عاد للصفحة التي أخذت منه الأموال من أجل المتابعة وجدها مغلقة: «إدارة الفيسبوك رصدت وجود حسابات وهمية كتيرة عملت لي فولو مؤخرًا فأغلقت صفحتي اللي كان عليها كل شغلي، والإنستجرام بعت لي تحذير».

"عبدالله" تم النصب عليه من قبل تلك الصفحات التي أعطته متابعون وهميون، وتضرر في غلق حسابه من قبل إدارة فيسبوك: «خسرت الفلوس والصفحة بسبب الحسابات الوهمية اللي عملت لي فولو، وحاولت استعادة الصفحة لكن إدارة الفيسبوك رفضت بسبب النشاط الوهمي».

 

يزيد انتشار تجار «الفولورز» على صفحات السوشيال ميديا الذين يعلنون عن خدمة زيادة المتابعين على «فيسبوك وإنستجرام» بمقابل مادي لصناعة «بلوجرز» عبر الحسابات الوهمية التي تبدأ في المتابعة والتفاعل، إلا أن الخبراء يحذرون من خطورة تلك الحسابات الوهمية التي قد تستخدم في أعمال غير قانونية إلى جانب تضرر الكثيرين ممن خاضو تجربة زيادة المتابعين، وفق ما كشفه «الدستور».

 

خبير قانوني يحذر من صفحات زيادة المتابعين

علي الدندراوي، الخبير القانوني، يؤكد أن الصفحات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي التي يتم تنشيطها وزيادتها عبر الحسابات الوهمية تستهدف بث الأفكار والمعتقدات الخاطئة بين أفراد المجتمع، وزيادة معدل الشائعات التي تسهم في حدوث خلل كبير في تداول المعلومات.

وبيّن أن مواقع التواص الاجتماعي أصبحت مصدر تلاعب لكسب المال، ومن ثم زيادة المتابعين على الصفحات هدف يسعى الكثيرون للوصول إليه، ولكن تلك الصفحات لا أساس لها من الصحة فهي مجهولة المصدر، ويتضرر أصحابها بسبب التفاعل الوهمي.

يقول: «لكي يتم توثيق الحساب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يتم تقديم أوراق  تحقيق شخصية أو سجل تجاري في حالة امتلاك الحساب إحدى الماركات العالمية، كل هذا لضمان مصداقية هذا الحساب وعدم وجود تفاعل وهمي عليه».

وأكد أن زيادة عدد المتابعين الوهميين لصفحات التواصل الاجتماعي قد يسبب موجة من جرائم النصب والاحتيال وانتحال الشخصية، ولا بد من حملات إعلامية من أجل زيادة وعي المواطن بخطورة تلك الصفحات ومساعدته في التعرف على الصفحات الوهمية.

ويختتم: «يستوجب  تعلم مهارات الفحص والتحقق عبر الإنترنت، وعدم الاندفاع في نشر المعلومات والانجراف وراءها قبل التأكد من صحتها، لأنها تسهم في منع انتشار الشائعات»، مشددًا على ضرورة وجود رقابة كبيرة لمواقع التواصل الاجتماعي لرصد أي صفحات مخالفة لا تمت للواقع بصلة.

نشر صور إباحية لزيادة المتابعين

ما حدث مع محمود كان أكثر ضررًا، إذ إنه خريج كلية العلوم، وبدأ في إنشاء صفحة على موقع «فيسبوك» يحاول من خلالها تقديم معلومات عن الكيمياء وتجارب بسيطة يقوم بها في منزله، إلا أنه فوجئ بعدم شغف الكثيرين بالمحتوى الذي يقدمه، وهو الأمر الذي دفعه لمحاولة تزويد المتابعين لديه.

يقول: «بدأت بالبحث عن طرق لنشر المحتوى بتاعي، وفوجئت إن فيه صفحات بتدي خدمة زيادة المتابعين والتفاعل على الصحفات مقابل مبالغ مالية، وبالفعل اشتريت، لأنهم وعدوني بزيادة عدد المتابعين وإنهم مش هيكونوا وهميين، وطلبوا مني امتلاك الصفحة لمدة أسبوع».

فوجئ محمود، خلال ذلك الأسبوع، بنشر صور جنسية على صفحته من أجل زيادة أعداد المتابعين عبر الصفحة التي تعاون معها: «بدأوا ينزلوا صور جنسية عشان التفاعل يزيد، وكده استغلوا الحساب في حاجات غير قانونية».

خبير برمجة يوضح طرق التحقق من الحسابات الوهمية

وفيما يخص كيفية التعرف على  الصفحات التي تمتلك متابعين وهميين على وسائل التواصل الاجتماعي، يقول أيمن عمران، خبير برمجة، إنها تتم من خلال دراسة النمط النموذجي للنشاط، موضحًا أنه إذا كان هناك زيادة مفاجئة وغير طبيعية في عدد المتابعين دون سبب واضح، فقد تكون هذه الصفحة تستخدم حيلا لشراء المتابعين الوهميين.

وبيّن: «وكذلك يجب التحقق من مدى تفاعل المتابعين مع المحتوى المنشور على الصفحة، فإذا كانت هناك أعداد كبيرة من المتابعين، ولكن لا يوجد تفاعل (تعليقات، إعجابات، إعادة نشر) على المنشورات، فقد يكون هناك تزوير في الأعداد، ولا بد من الاستعانة بأدوات فحص المتابعين».

ويضيف: «حيث إن هناك أدوات متاحة عبر الإنترنت تساعد على التحقق من مدى وهمية المتابعين على الحسابات الاجتماعية، يمكن استخدام بعضها لفحص الحسابات التي يُشك فيها، كما تتم مراقبة تاريخ النشاط من خلال الاطلاع على النشاط السابق للصفحة والمدة التي استغرقها الحصول على المتابعين».

يوضح عمران أنه يستوجب على مستخدمي التواصل الاجتماعي عند التعامل مع الصفحات الوهمية والشائعات التحقق من مصداقية الصفحة أو المصدر قبل التعامل مع المعلومات أو نشرها، والتأكد من أن الصفحة موثوقة، وأن المعلومات التي تقدمها مدعومة بمصادر موثوقة.

واختتم: « يجب تحليل المحتوى الذي يتم نشره على الصفحات قبل التفاعل معها، والبحث عن علامات الشائعات مثل العناوين الاستفزازية أو المعلومات غير المدعومة بالحقائق، والتحقق من النقاشات المتعلقة بالمعلومات المشكوك فيها على منصات أخرى حتى يتم التوجيه إلى المصادر الدقيقة».

«الدستور» يخوض تجربة شراء الفولورز

خضنا تجربة شراء المتابعين عبر 3 صفحات لمعرفة الطريقة والمبالغ التي يتم أخذها من أجل صناعة «البلوجرز»، لنكتشف أن الأمر لا يستغرق سوى أيام قليلة ومبلغ مالي، أول صفحة كان لديها عرض تفاصيله: «3 آلاف متابع بسعر 250 جنيها، أما الـ5 آلاف متابع بسعر 400 جنيه، والـ10 آلاف متابع بـ800 جنيه».

وكان لديها عروض على المشاهدات على حساب «تيك توك»، حيث بلغ سعر الـ2 مليون مشاهدة 500 جنيه، بينما لايكات ومشاهدات فيسبوك يبلغ الألف منها 100 جنيه، ويتم إرسال الأموال عبر فودافون كاش، نصفها قبل زيادة المتابعين والنصف الآخر بعد زيادتهم.

الصفحة الثانية ادعينا أنها لفنان صاعد، وعرضت الصفحة أن الـ100 متابعة بـ75 جنيهًا، أما الصفحة الثالثة فوصفت نفسها بأنها تقدم أقوى عروض تكبيرالصفحات نسبة 100% حقيقيين، وضمان عدم نقص المصدر من إعلانات ممولة، ويتم تكبير الصفحات من خلال الإعلان الممول.

وكان العرض كالتالي: «5 آلاف لايك ومتابع بـ400 جنيه، و10 آلاف لايك ومتابع بنحو 800 جنيه، و15 ألف لايك ومتابع بـ1200 جنيه، و20 ألف لايك ومتابع بـ1600 جنيه، بينما 50 ألف لايك ومتابع بـ3500 جنيه، وأخيرًا الـ100 ألف متابع بـ7 آلاف جنيه».

خبير أمن معلومات: «تسهم في حروب الجيل الرابع»

بينما يصف محمد الجمل، خبير أمن المعلومات، الأمر بالخطير، مبينًا أن تلك الصفحات تكون غير معروفة أو مدعومة من فيسبوك، لذلك يتضرر من يقوم بالتعامل معها، لا سيما أنها تفتح بابا قويا للابتزاز الإلكتروني عبر تزويد المتابعين الوهميين.

وبيّن أن الحسابات الوهمية والصفحات القائمة عليها تسهم في زيادة حروب الجيلين الرابع والخامس الإلكترونية، وتعتبر وسيلة لترويج الشائعات، مشددًا على ضرورة وجود وعي تكنولوجي لأن الصفحات الوهمية تضر بأصحابها، والمتابعون الوهميون لا يتفاعلون فيقع طالبو تلك الخدمة في ذلك الفخ.

ويضيف: «بيكون فيه 100 ألف متابع من حساب وهمي ولكن التفاعل ضعيف للغاية، ويبدأ عدد الحسابات الوهمية في التناقص مع الوقت»، مشيرًا إلى أنه من الأضرار التي تحدث من شراء حسابات وتفاعل وهمي هو رفض فيسبوك التوثيق لأن المتابعين أغلبهم وهميون وإدارة فيسبوك تعرف ذلك حين تطلب أوراقا رسمية للتوثيق وترفض في حال وجود حسابات وهمية.

نور وشقيقتها تتعرضان للابتزاز الإلكتروني

ذلك ما تعرضت له نور وشقيقتها، اللتان كانت لديهما صفحة تقدم محتوى رسومات، وعليه تفاعل ضعيف، وحين أرادتا تزويد عدد المتابعين والتفاعل على صفحاتهما بمواقع التواصل الاجتماعي لجأتا إلى إحدى تلك الصفحات: «المحتوى الذي نقدمه لم يكن يلقى تفاعلا قويا من قبل المتابعين وكان لدينا رغبة في تزويد المتابعين».

تضيف نور: «قمنا بالتواصل مع أحد صفحات تزويد المتابعين ودفعنا مبلغ 20 ألف جنيه نظير تزويد المتابعين والتفاعل على صفحتنا، وأعطيناهم معلومات عن الصفحة وأمانها، ولكن فوجئنا بأنهم مجرد هاكر قاموا بالاستيلاء على الصفحة وابتزازنا إلكترونيًا».

دفعت نور وشقيقتها مبلغ 20 ألف جنيه أخرى من أجل استعادة صفحتهما من أيدي الهاكر: «كثير من تلك الصفحات تكون (نصابة) ولا تقوم بتزويد المتابعين، وما تعرضنا له عملية نصب وابتزاز، ولم تقم الصفحة بأي تزويد للمتابعين لدينا ولكن استولت عليها».