رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بدون بديل ولا أدلة.. كيف فشلت إسرائيل فى حربها ضد الأونروا؟

الأونروا
الأونروا

كشفت نتائج تحقيق داخلي مع 12 من عمال الإغاثة التابعين لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) في غزة، الذين زعمت إسرائيل تورطهم في هجوم 7 أكتوبر، إلى عدم وجود أدلة قاطعة على تورط الأونروا مع التنظيمات الفلسطينية، بينما قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن إسرائيل لم تقدم أي دليل لدعم هذه المزاعم.

أوضح "دوجاريك"، أنه جرى تبرئة متهم واحد، وتعليق التحقيقات في 3 حالات إضافية بسبب عدم كفاية الأدلة التي قدمتها إسرائيل، لافتًا إلى أن هناك ثماني حالات قيد التحقيق من مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة.

اتهمت إسرائيل في يناير الماضي وكالة الأونروا بمشاركة عناصرها في هجوم 7 أكتوبر، مما دفع كبار المانحين، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى تعليق دعمهم للوكالة في وقت تشتد فيه الحاجة الإنسانية بغزة.

نتائج التحقيق التي تم الكشف عنها، بواسطة كاترين كولونا، وزيرة خارجية فرنسا السابقة، التي تم تعيينها من قبل الأمم المتحدة من أجل التحقيق في نشاطات الأونروا، حيث قامت "كولونا" بزيارة إسرائيل قبل شهر تقريبًا والتقت جهات عليا في الحكومة وفي الجيش من أجل الحصول على معلومات عن الادعاءات ضد هذه المؤسسة. 

ذكرت "كولونا" في تقريرها بأن إسرائيل لم تعرض أي أدلة على أن الكثيرين من موظفي الوكالة هم أعضاء في التنظيمات الفلسطينية التي تعمل في غزة، ولم تتطرق إلى ادعاء إسرائيل حول مشاركة موظفي الأونروا في هجوم 7 أكتوبر، فيما انتقدت وزارة الخارجية الإسرائيلية تقرير كولونا بشدة، وأصدرت ردًا رسميًا بأن الوثيقة "تتجاهل خطورة المشكلة وتقترح حلولًا تجميلية لا تتعامل مع الحجم الكبير لاختراق حماس للأونروا".

 

دول قررت مواصلة التمويل

شخصيات رفيعة في إسرائيل اعترفت في الفترة الأخيرة بأن حملة إسرائيل التي هدفت إلى المس بالتمويل الدولي لوكالة الإغاثة الدولية للاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، قد فشلت.

على الرغم من الجهود الإسرائيلية ضد الأونروا، إلا أنه منذ يناير الماضي، قامت كل من النرويج وإسبانيا بعودة تمويل الأونروا، حيث علق في حينه وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي، في بيان، إن "النرويج قررت مواصلة تمويلها". وأضاف: "بينما أشارك القلق بشأن الادعاءات الخطيرة للغاية ضد بعض موظفي (الأونروا)، فإنني أحث المانحين الآخرين على النظر في العواقب الأوسع نطاقًا لخفض تمويل (الأونروا) في هذا الوقت من الأزمة الإنسانية الشديدة، لا ينبغي لنا أن نعاقب ملايين الأشخاص بشكل جماعي".

بينما قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أمام مجلس النواب، "لن نغيِّر علاقتنا مع (الأونروا) وهي وكالة للأمم المتحدة أساسية لمعالجة الوضع الإنساني".

ومؤخرًا، أعلنت ألمانيا أنها تنوي استئناف تمويلها للوكالة، الذي جمدته حكومة برلين في يناير الماضي. في بيان لوزارة الخارجية الألمانية كتبت أنه بعد أن فحصت ألمانيا ادعاءات إسرائيل أصبحت على قناعة بأنه يجب تحسين الرقابة على نشاطات الوكالة وعلى المشاريع التي تنفذها، لكن في موازاة ذلك هي تنوي استئناف دعم الأونروا في الوقت القريب. ألمانيا قالت إنه يجب على الحكومات الأخرى التي جمدت تمويلها أن تفعل ذلك.

فيما اعتقدت ألمانيا أنه "على خلفية الكارثة الإنسانية المتواصلة في غزة فإن هذا الأمر مهم أكثر من أي وقت مضى" لدعم الوكالات الدولية المختلفة التي تعمل في القطاع، وفعل ذلك قبل أن يتم مس تمويل الأونروا بصورة لا تمكن من استمرار مشاريعها للتعليم والرفاه".

 حتى الآن الدول الأكثر أهمية التي قررت استئناف تمويل الأونروا، معظمها حتى قبل نشر تقرير كولونا، هي فرنسا وكندا وأستراليا والسويد والنرويج وإسبانيا واليابان. في إسرائيل يخشون بالأساس من أن بريطانيا والولايات المتحدة، الدولتين الأكثر وضوحًا في دعمهما الآن في الساحة الدولية ستغير قرارهما حول وقف التمويل.

 

لماذا فشلت إسرائيل؟

مصدر إسرائيلي مشارك في الجهود السياسية لوقف التمويل قال إن الحديث لا يدور عن فشل دعائي، بل هو ينبع من غياب بديل مقنع لنشاطات الأونروا، وحسب أقوال هذا المصدر فإن إسرائيل نجحت في إثارة الشك لدى أصدقائها في العالم بخصوص الأونروا، لكنها لم تدعم هذه الخطوة بعرض أي بديل مناسب للوكالة. 

وبحسب تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي فإنه منذ شهر يناير الماضي، فإن الصعوبة الأساسية في الحملة ضد الأونروا لم تكن لإقناع العالم بأن الوكالة هي إشكالية، بل الإقناع بالبديل.

فيما علق دبلوماسي غربي من دولة استأنفت التمويل أن قرار حكومته لفعل ذلك ينبع من سببين أولهما أن "الدلائل التي عرضتها إسرائيل لم تكن حازمة بشكل كاف، ولم تقنع بأن الأمر يتعلق بظاهرة واسعة وليس بحالات منفردة"، وأضاف "إضافة إلى ذلك نحن شاهدنا كيف أن الوضع الإنساني في غزة يتدهور إلى خطر الجوع وأدركنا أن هذا ليس الوقت المناسب لإظهار الحكمة. ولو أنه كانت هناك طريقة لتقديم الغذاء لمليوني شخص في غزة بدون الأونروا كنا سنكون مستعدين لفحص ذلك، ولكن يبدو أنه لا يوجد، وفي أوساط الاتحاد الأوروبي يوجد إجماع بأن دعم الأونروا يجب أن يستمر في الوضع الحالي رغم ادعاءات إسرائيل".