رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا داعى للقلق.. "الدستور" تناقش أزمة "أسترازينيكا": الآثار الجانبية محدودة

أزمة أسترازينيكا
أزمة "أسترازينيكا"

فى خطوة مفاجئة، تواجه شركة «أسترازينيكا» موجة من الدعاوى القضائية، المرفوعة من قبل ٥١ عائلة، تطالب بتعويضات تصل إلى ١٠٠ مليون جنيه إسترلينى، وسط مزاعم تتحدث عن أن لقاح الشركة المضاد لفيروس «كورونا»، الذى كان يفترض أن يكون خطوة نحو نهاية الوباء، قد تسبب فى آثار جانبية مدمرة على حياة عدد من متلقى اللقاح وعائلاتهم.

ووفقًا للشركة، يمكن للقاح «أسترازينيكا» أن يؤدى- فى حالات نادرة جدًا- إلى ما يُعرف باسم متلازمة تجلط الدم مع نقص الصفائح الدموية، أو «TTS»، الذى يتسبب فى تكوين جلطات دموية مميتة وانخفاض حاد فى عدد الصفائح الدموية.

وفى هذه المعركة القانونية الشاقة، تسعى العائلات المتضررة من اللقاح للحصول على العدالة والاعتراف بمعاناتهم، فى حين تواجه «أسترازينيكا» اتهامات بالإهمال وعدم الكفاية فى التحذير من المخاطر المحتملة، مع إثارة أسئلة صعبة حول التوازن بين المخاطر والفوائد، والمسئولية الأخلاقية للشركات الصيدلانية فى مواجهة الأزمات الصحية العالمية.

وفى السطور التالية، تحدثت «الدستور» مع عدد من الحالات التى تلقت لقاح «أسترازينيكا» فى مصر، لتوضيح الآثار الجانبية التى عانوا منها بعد تلقى هذا اللقاح وقتها، وما إذا كانت هناك أعراض إضافية قد ظلت مستمرة معهم حتى الآن، مع استشارة عدد من المتخصصين حول مدى ثبوت مسئولية اللقاح عن حدوث أضرار صحية لمتلقى اللقاح، وأحقيتهم فى الحصول على تعويضات، فى حال ثبوت استمرار هذه الآثار الجانبية حتى الآن.

متلقو اللقاح:  حدث تدهور صحى لكن لم نتأكد من مسئولية الشركة عنه 

بالحديث مع عدد من الحالات التى تلقت لقاح «أسترازينيكا» المضاد لفيروس «كورونا»، بعد انتشار الوباء القاتل، أفاد البعض بحدوث تدهور حقيقى فى صحتهم العامة، بعد تلقى اللقاح، رغم عدم التأكد من مسئوليته التامة عن ذلك.

قالت سالى مصطفى، لـ«الدستور»، إن والدتها تلقت بعد انتشار الوباء لقاح «أسترازينيكا»، الذى كانت تتم التوصية به وقتها لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ثم شعرت بالأعراض الطبيعية الناتجة عن تلقى أى لقاح جديد، من بينها ارتفاع الحرارة والإجهاد.

وأضافت: «والدتى مريضة قلب، لذا فإن أى آثار جانبية قد ظهرت عليها لا يمكن إرجاعها مباشرة للقاح، فهو أمر لا يمكن التأكد منه، لأن طبيبها يتعامل معها باعتبارها مريضة قلب، أى أنها تحصل بشكل طبيعى على أدوية لسيولة الدم، إلى جانب عدد من الأدوية الأخرى، التى قد تقيها من أعراض التجلط الناتجة عن اللقاح، والتى يتحدث البعض عنها حاليًا».

فيما أوضح آدم محمد، وهو شاب ثلاثينى، لـ«الدستور»، أنه تلقى لقاح «أسترازينيكا» بعد انتشار الفيروس بسبب دواعى السفر، مع اشتراط حصوله على شهادة بأنه تلقى هذا النوع على وجه الخصوص، مشيرًا إلى أنه ومنذ حصوله على هذا اللقاح لم يعد التعرض للإنفلونزا شيئًا عاديًا، وإنما مرض خطير قد تستمر أعراضه لعدة أشهر.

وأضاف: «أعانى حاليًا من الحساسية وضيق التنفس، وباتت (البخاخة) تلازمنى، لكننى غير متأكد حتى الآن ما إذا كان ما حدث لى بسبب اللقاح أم بسبب شىء آخر».

ولفت إلى أنه يتخوف، حاليًا، من تدهور حالته بعد أن قرأ عن حالات أخرى تعرضت للجلطات الدموية بسبب نفس اللقاح، آملًا ألا يكون من بين من يتعرضون لهذا العرض الجانبى، ولو على المدى البعيد.

«الصحة»: نسبة التجلط كعرض جانبى لبعض اللقاحات 3 فى المليون

قال المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان، الدكتور حسام عبدالغفار، إن التجلط كعرض جانبى لبعض التطعيمات معروف منذ عام ٢٠٢١، وهو عرض نادر الحدوث.

وتعليقًا على أنباء إصابة بعض الملقحين بجلطات، بسبب تلقى لقاح أسترازينيكا، أوضح أن نسبة الإصابة بالتجلط عند تلقى اللقاح ٣ حالات لكل مليون شخص.

وأشار إلى أن هذه النسبة تقارب نفس نسبة حدوث التجلط دون تلقى اللقاح عند الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالتجلط، ولهذا السبب لم توص أى جهة صحية دولية أو محلية بإيقاف أو منع استخدام اللقاح، إنما جاءت التوصيات بتفضيل عدم استخدامه لفئات محددة.

وأوضح أن احتمالات حدوث الجلطات عند الإصابة بفيروس كورونا ١٠ أضعاف احتمالات الإصابة بالجلطات بعد الحصول على اللقاح.

وأكد أن احتمالية حدوث الجلطات عند الفئات الأكثر عرضة للإصابة بها قد تحدث خلال فترة زمنية قصيرة بعد التلقيح، وتنتهى تلك الاحتمالية بعد مرور تلك الفترة.

وبيّن أنه لم يجر الإبلاغ عن أعراض جانبية طويلة المدى خاصة بالتجلط، أو قد تحدث بعد فترة طويلة من أخذ اللقاح.

أستاذ علم المناعة:  تم استخدامه لتجنب الخسائر فى الأرواح

بالحديث مع المتخصصين عن الحالات النادرة من الجلطات الدماغية المرتبطة بلقاح «أسترازينيكا»، أوضح الدكتور محمد أبوعامر، أستاذ علم المناعة بجامعة المنوفية، أنه لا يوجد رأى قاطع حول سبب الجلطات، كما أن وكالة الأدوية الأوروبية لم تثبت الصلة بين اللقاح والجلطات حتى الآن. 

وقال «أبوعامر»: «من الممكن ألا تكون هناك مخاطر على الإطلاق، فلم يثبت علميًا أن اللقاحات تسبب جلطات دماغية، لكن الأدوية دائمًا لها آثار جانبية محتملة، ويتوقف الأمر على ما إذا كانت الفوائد تفوق المخاطر».

ونفى أستاذ علم المناعة، بشكل قاطع، وجود أى معلومات عن احتمالات حدوث آثار جانبية خطيرة للقاح فى مصر، لافتًا إلى أنه يجرى استخدامه بشكل طبيعى لتجنب التكلفة الكبيرة فى الأرواح بسبب غياب اللقاحات.

«المصل واللقاح»:  يُمنح وفق مسئولية متلقيه

أكد الدكتور مصطفى المحمدى، رئيس التطعيمات فى المصل واللقاح، أنه جرى إعطاء لقاح «أسترازينيكا» تحت بند الموافقة الطارئة، بمعنى أن أى شخص تلقى اللقاح يكون تحت إشراف طبى، ووفقًا لمسئوليته الخاصة. وأضاف: «يجرى استخدام اللقاح بشكل طبيعى فى مصر، وليس لدىّ أى معلومات بخصوص ظهور آثار جانبية لمتلقى لقاح أسترازينيكا». وتابع: «من الممكن وجود حالات طارئة ونادرة تظهر عليها آثار جانبية مع حصول ملايين الأشخاص على اللقاح».

منظمة الصحة العالمية:  فوائده أكبر من مخاطره رغم المضاعفات

بحسب توصية على الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية، بتاريخ ١٣ يونيو ٢٠٢٢، فإن الحصول على اللقاح يفضل أن يكون للأشخاص بداية من عمر فوق ١٨ عامًا، مع إعطاء الأولوية لكبار السن والعاملين الصحيين ومرضى ضعف المناعة، مع التحذير من إعطائه للحوامل إلا إذا كانت فوائده أكبر من مخاطره المحتملة.

وأوضحت المنظمة أن اللقاح يُعطى على جرعتين بفاصل من ٨ إلى ١٢ أسبوعًا، ويمكن تمديده إلى ١٦ أسبوعًا فى ظروف معينة، كما أن فوائده تفوق مخاطره بكثير، رغم الإبلاغ عن حالات نادرة لمضاعفات خطيرة.

محامى:  يحق للمتضررين المطالبة بالتعويض

قال إسلام مجدى، محامٍ متخصص فى قضايا التعويضات، إن المواطنين لديهم الحق الكامل فى رفع دعاوى قضائية ضد الشركة المنتجة للقاح إذا تعرضوا لآثار جانبية خطيرة نتيجة أخذ اللقاح، مؤكدًا أن وزارة الصحة على علم تام بجميع الجوانب المحيطة باللقاح وآثاره الجانبية المحتملة.

وأكد «مجدى» أنه يمكن للمتضررين رفع دعاوى عادية إذا كانت الشركة لها مقر فى مصر أو دعاوى تعويض أمام مجلس الدولة فى حال عدم تواجد مقر لها، مضيفًا: «يجرى تقدير قيمة التعويضات بناءً على التقارير الطبية الحديثة التى تُظهر الآثار السلبية التى لحقت بالمصاب جراء أخذ اللقاح، وتقدير مدى تأثيرها على حياته وقدرته على العمل والكسب».

وأوضح أنه فى حالات الإعاقة أو تأثر أى عضو مهم بالجسم، سيجرى تقدير التعويض وفقًا لمدى الأضرار التى لحقت بالمصاب وتأثيرها على كسبه ومستقبله المهنى، موضحًا أن هذه الدعاوى يستغرق البت فيها من ٦ أشهر إلى سنة حتى صدور الحكم، خاصة إذا احتاجت إلى خبراء طبيين لدراسة الحالة وتقدير الأضرار.