رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسن الهتهوتى يكتب: لـ«سيناء» رب يحميها

حسن الهتهوتى
حسن الهتهوتى

رهيبة تلك اللحظات التى تطأ فيها قدماك أرضًا ارتوت بدماء الذين حرروها.. فيها ستشعر بأن أرواحًا طيبة تُرفرف من حولك.. نسيم هؤلاء الشهداء باقٍ منذ الأجداد فى حرب العبور إلى الأحفاد فى حرب التطهير من الإرهاب.. أرض مقدسة بإذن ربها، وعظيمة وأبية على من يعتقدون يومًا أنه يمكنهم أن ينالوا منها.. هنا أرض الفيروز.. هنا سيناء.. روح الوطن وقلبه.

مرّت سنوات منذ كنت هنا، لكن قدسية المكان لم تتغير.. المشاعر ذاتها التى زارتنى فى أولى الزيارات.. دائمًا أرض سيناء مختلفة عن بقاع الأرض.. مرتوية بدماء الشهداء، وشاهدة على دحر الأعادى؛ بأن كانت مقبرة لهم.. هى دُرة الوطن التى تجلّى عليها الله لنبيه موسى.. ومرّ منها أنبياء وصالحون.. هى الأرض التى كرّمها الرب بذكرها فى كتابه.. فكيف لأحد أن يلوث ترابها الطهور!.. لـ«سيناء» رب يحميها.. وقيادة تُعمّرها، وجيش لا تغفل عينه عنها.. وشعب يحفظها.

من سيناء مررنا فى طريقنا إلى رفح.. هناك حيث تنطلق مدينة كبيرة بجهود ذاتية من بنى الوطن.. مدينة يشيدها اتحاد قبائل سيناء، ليعلن عن بدء العمل فيها مع انطلاق مؤتمره التأسيسى الأول.. كان المشهد مهيبًا منذ خطواتنا الأولى إلى رفح.. أطلقوا عليها اسم «مدينة السيسى»، تعبيرًا عن عرفانهم لما يبذله الرئيس، فهو الذى وضع سيناء للمرة الأولى فى تاريخها على خريطة التطوير والتنمية- كما قال الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، المتحدث باسم اتحاد القبائل العربية.

هؤلاء الرجال الذين وقفوا إلى جوار الجيش ليُطهروا أرضهم من إرهاب أصابها.. اتحدوا على كلمة واحدة وصوت واحد وهدف واحد.. سيناء قلب الوطن وروحه.. ستبقى أبية بتضحيات وبطولات شعبها.. فكان من بينهم ٧٥٠ شهيدًا فى حربهم ضد الإرهاب.. دماء طاهرة اختلطت بدماء رجال القوات المسلحة.. ها هم يعودون مرة أخرى ليصنعوا واقعًا جديدًا وجميلًا لـ«سيناء».. مستقبلًا كتبته التضحيات والبطولات، واكتسى بلون الدماء الطاهرة.. كل شىء هنا لا يشبه أحدًا.. كل شىء يشهد على ما كان فى سنوات الشدائد.. من هنا مرّ الشهيد أحمد منسى ورفاقه قبل سنوات، وقبلهم كان الشهيد سالم أبوطويلة فى البقعة ذاتها، والآن حمل أبناء قبائل سيناء راية وطنهم، ليبنوا مستقبلهم بأيديهم.. من هنا سيُكتب الأمل.. من أجداد حرروها، إلى أحفاد يُعمرونها.