رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة «بانجول» الإسلامية

تحت شعار «تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار من أجل التنمية المستدامة»، استضافت مدينة «بانجول»، عاصمة دولة جامبيا الشقيقة، القمة الخامسة عشرة لـ«منظمة التعاون الإسلامى»، التى تناولت أمس وأمس الأول، السبت والأحد، عددًا من أبرز القضايا السياسية ذات الأولوية على أجندة الدول الإسلامية، على رأسها العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، إضافة إلى الموضوعات الاقتصادية المتصلة بتسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة والقضاء على الفقر ومواجهة التغيرات المناخية.

منذ ٥٥ سنة تقريبًا، تحديدًا فى ٢٥ سبتمبر ١٩٦٩، اجتمع قادة ٢٥ دولة إسلامية فى العاصمة المغربية الرباط، بعد حريق الأقصى فى ٢١ مايو السابق، وقرروا إقامة تكتل لـ«الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين»؛ اختاروا له اسم «منظمة المؤتمر الإسلامى» الذى تم تغييره، لاحقًا، إلى «منظمة التعاون الإسلامى»، وجرى الاتفاق على أن تكون مدينة جدة السعودية هى «المقر المؤقت» للمنظمة، إلى أن يتم تحرير القدس المحتلة، التى اختاروها مقرًا دائمًا. وتوالى انضمام الدول ذات الأغلبية المسلمة حتى وصلت إلى ٥٧ دولة، بانضمام ساحل العاج سنة ٢٠٠١. وهكذا، صارت المنظمة، التى منحت روسيا الاتحادية، سنة ٢٠٠٥، صفة مراقب، ثانى أكبر منظمة دولية فى العالم بعد الأمم المتحدة.

ارتبطت المنظمة، إذن، منذ نشأتها بالقضية الفلسطينية، وكانت «لجنة القدس» أولى لجانها الأربع الدائمة. ومع البيان الختامى، أو «إعلان بانجول»، الصادر أمس، صدر عن القمة قرار خاص بفلسطين، غير أنه لم يحمل جديدًا، إذ كان قادة الدول الإسلامية والعربية، قد عقدوا، فى نوفمبر الماضى، قمة طارئة مشتركة، بالعاصمة السعودية الرياض، وتضمن بيانها الختامى ٣١ قرارًا، أدان أولها «العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللا إنسانية التى ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعمارى خلاله، وضد الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية المحتلة والقدس الشريف». وطالب القرار الخامس «مجلس الأمن» باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح سلطة الاحتلال الاستعمارى، التى تنتهك القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وقرارات الشرعية الدولية، واعتبار التقاعس عن ذلك تواطؤًا يتيح لإسرائيل الاستمرار فى عدوانها الوحشى. وفى البيان نفسه، أعلن قادة الدول العربية والإسلامية عن دعمهم «كل ما تتخذه مصر من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، ومساندة جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فورى ومستدام وكافٍ».

فى كلمتها أمام «قمة بانجول»، طالبت مصر، مجددًا، بوقفة حاسمة ضد أوهام تصفية القضية الفلسطينية، عبر التهجير القسرى للفلسطينيين، مؤكدة أن الشعب الفلسطينى الأبى الصامد على أرضه، وإلى جواره الشعوب الإسلامية والعربية وشعوب العالم الحر، «لم ولن تقبل بخروج أصحاب الأرض من أرضهم المحتلة بالمخالفة للمواثيق الدولية كافة». ثم كررت تحذيرها من إقدام إسرائيل على اجتياح رفح الفلسطينية، المأوى الأخير لما يقرب من مليون ونصف المليون نازح فلسطينى. كما شددت مصر على ضرورة التصدى الحازم للمعايير المزدوجة، وأكدت أن الكيل بمكيالين هو الجمرة، التى يُشعل بها المتطرفون نار التعصب والإرهاب فى مواجهة مفاهيم الحوار والتسامح، موضحة أن «المباركة بالصمت لما يحدث فى غزة تتجاوز فى آثارها وتبعاتها الأراضى الفلسطينية والساحة الإقليمية، وتُكرّس لجُرح غائر فى ضمائر المجتمعات نشهد مظاهره، لا فى البلدان الإسلامية فقط، وإنما فى شتى بقاع العالم».

.. وأخيرًا، كان أبرز ما جرى على هامش «قمة بانجول»، لقاء سامح شكرى، وزير الخارجية، وحسين أمير عبداللهيان، وزير خارجية إيران، اللذين تناولا الحرب الجارية فى قطاع غزة، وأكدا رفضهما الكامل لقيام إسرائيل بعمليات عسكرية برية فى مدينة رفح الفلسطينية، وتوافقا على أهمية تعزيز التضامن والوحدة بين الدول الإسلامية فى هذا التوقيت، الذى يواجه فيه العالم الإسلامى تحديات جسامًا، و... و... وتطرق اللقاء، أيضًا أو طبعًا، إلى مسار العلاقات الثنائية بين مصر وإيران، على ضوء الاتصالات واللقاءات السابقة بين الوزيرين، وتوجيهات قيادتى البلدين، وجرى الاتفاق على مواصلة التشاور بهدف معالجة كل الموضوعات والمسائل العالقة، سعيًا إلى تطبيع العلاقات.