رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: نزول البلاء امتحان من الله والمصيبة تُعلمنا حقيقة الدنيا

الشيخ على جمعة
الشيخ على جمعة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر،: عندما ينزل بالمؤمن البلاء يحتاج إلى أن يرجع إلى الله ليعرف حكمة البلاء‏،‏ ويعرف كيف يتعامل معه عندما ينزل‏، وما البرنامج الذي يسير عليه حتى يخفف عنه المصيبة وتنزل السكينة على قلبه ويتمتع بنور الصبر‏،‏ ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بقراءة الوحي ‏(الكتاب والسنة). قال تعالى‏: (الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ‏)،وقال عز وجل‏: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ‏).‏ 

 

وتابع " جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا: فنزول البلاء امتحان يجب أن نعرف أن مع هذه المحن منح ربانية من الجزاء الوفير والغفران التام‏،‏ وأن الموت سنة من سنن الله في كونه، ولكنه مع ذلك ليس فناء بل هو انتقال من دار الدنيا إلى دارالآخرة‏،‏ ومن دار العمل إلى دار الجزاء‏،‏ ومن دار الفناء إلى دار البقاء‏،‏ كان أبو ذر الغفاري رضي الله تعالي عنه‏‏ لا يعيش لديه ولد‏،‏ فسئل في ذلك فقال‏:‏ "الحمد لله الذي يأخذهم مني في دار الفناء ليدخرهم لي في دار البقاء

 

قال سيدنا رسول الله ﷺ ‏: « إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ » ،‏ وقال ﷺ‏:‏ « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ »،‏ وقال ﷺ ‏:‏ « مَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ »،‏ وقال ﷺ‏: « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِى الْمُؤْمِنِ عِنْدِى جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الْجَنَّةُ 

 

وأضاف: الروح باقية لا تفنى ولذلك عند رحيل الأحبة نستمر في عمارة الدنيا ونزيد من العمل الصالح ونهب ثواب أعمالنا إلى من رحل صغيرًا كان أو كبيرًا‏،‏ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- إِنَّ أَبِى مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يُوصِ فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ قَالَ « نَعَمْ ».‏ ولما مات أبو وكيع بن الجراح خرج في يوم وفاته في درسه اليومي وزاد أربعين حديثًا عما كان يحدث به كل يوم‏،‏ وبعدما دفن أبو يوسف ــ صاحب أبي حنيفة ــ ابنه‏، حضر مجلس أبي حنيفة بعد الدفن ليتعلم حتى يتجاوز الأحزان‏.‏

 

وأستطرد: المصيبة تعلمنا حقيقة الدنيا وأنها فانية وأنها متاعٌ قليل‏،‏ قال تعالى‏: {مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}، ولنا في سيدنا رسول الله ﷺ أسوة حسنة حيث مات أبناؤه وأحباؤه في حياته وفي كل الأعمار حتى قال عندما مات إبراهيم‏: ‏ « تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ ». ومات حمزة وجعفر وزيد بن حارثة رضي الله عنهم وكانوا أحب الناس إليه فعلمنا كما علمنا القرآن‏: {‏إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ‏}،‏ وراجعون تبين أن الموطن الأصلي للروح هو عند الله فمن هناك أتت تفضلًا ومنة‏،‏ وإليه عادت حكمةً وفضلا.‏