رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصويت أممى بلا جدوى!

الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تصوت، اليوم الجمعة، على مشروع قرار يعترف بأهلية دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة فى المنظمة الدولية، ويوصى مجلس الأمن «بإعادة النظر فى الأمر بشكل إيجابى». وقيل إن هذا التصويت، الذى نراه عديم الجدوى، سيكون بمثابة مسح عالمى لمدى الدعم الذى يحظى به الفلسطينيون فى مسعاهم، الذى عرقله الـ«فيتو الأمريكى»، الشهر الماضى، فى مجلس الأمن.

بتغييرها وضع فلسطين، فى ٢٩ نوفمبر ٢٠١٢، من «كيان مراقب» إلى «دولة غير عضو لها صفة مراقب»، اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة، فعليًا، بدولة فلسطين، وسمحت برفع علمها، وتسمية مكتبها التمثيلى باسم «بعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين». وفى ١٧ ديسمبر التالى، قرر رئيس بروتوكول الأمم المتحدة أن «تستخدم الأمانة اسم دولة فلسطين فى جميع الوثائق الرسمية». كما أن دولة فلسطين تتمتع بعضوية جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامى، واللجنة الأوليمبية الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، و... و... وفى ٣ يناير ٢٠١٣، أصدرت «السلطة الوطنية الفلسطينية» عدة «مراسيم رئاسية» تقضى باعتماد اسم «دولة فلسطين»، رسميًا، فى الوثائق والأختام والأوراق الحكومية.

المهم، هو أن المفاوضات لا تزال جارية، بشأن تصويت اليوم، الذى يرجح كثيرون موافقة أكثر من ثلثى الدول الأعضاء على القرار الذى ينص على أن الجمعية العامة «تقرر أن دولة فلسطين، فى تقديرها، دولة محبة للسلام بالمعنى المقصود فى المادة الرابعة من الميثاق، وقادرة وراغبة فى تنفيذ التزامات الميثاق. لذلك، ينبغى قبولها فى عضوية منظمة الأمم المتحدة»، وأنها، أى الجمعية العامة، «توصى مجلس الأمن بإعادة النظر فى هذه المسألة بشكل إيجابى، فى ضوء هذا القرار والفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية فى ٢٨ مايو ١٩٤٨، وبما يتفق تمامًا مع المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة». 

قرار الجمعية العامة أكد من جديد «حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير، بما فى ذلك الحق فى إقامة دولة فلسطين المستقلة»، مشددًا على أن «الامتثال لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى واحترامهما يشكلان حجر الزاوية فى السلام والأمن» فى منطقة الشرق الأوسط. كما دعا المجتمع الدولى إلى بذل جهود متجددة ومنسقة تهدف إلى التوصل دون تأخير إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى، الذى بدأ سنة ١٩٦٧، وإلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية لقضية فلسطين والصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، والقانون الدولى، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، و... و... وإلى آخر الكلام الجميل والمعقول، الذى لا يقول جديدًا، ويعرف القاصى والدانى أن التصويت عليه لن يقدم أو يؤخر. 

التصويت عديم الجدوى، ليس فقط لأن قرار منح العضوية الكاملة فى يد مجلس الأمن، لكن أيضًا لأن المجلس لم ينظر إلى الأمر بشكل سلبى، حتى توصيه الجمعية العامة بالنظر بشكل إيجابى، بل أعجزه الـ«فيتو» الأمريكى، الذى أفشل مشروع القرار، فى ١٨ أبريل الماضى، برغم موافقة ١٢ دولة، من الـ١٥ الأعضاء. وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن مصر أعربت عن أسفها البالغ إثر عجز المجلس عن إصدار القرار على خلفية استخدام الولايات المتحدة حق النقض، الفيتو، موضحةً أن إعاقة إقرار حق الشعب الفلسطينى فى الاعتراف بدولته، لا تتماشى مع المسئولية القانونية والتاريخية الملقاة على عاتق المجتمع الدولى تجاه إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى حل نهائى وعادل للقضية الفلسطينية.

بمنتهى الحسم والوضوح، قالت مصر إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإقرار عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة، هو حق أصيل للشعب الفلسطينى، الذى عانى من الاحتلال الإسرائيلى، على مدار أكثر من ٧٠ عامًا، وخطوة مهمة على مسار تنفيذ أحكام القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية المُتعارَف عليها، لإرساء حل الدولتين، والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وغير القابلة للتصرف.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد أوقفت تمويلها لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، سنة ٢٠١١، لأنها منحت دولة فلسطين العضوية الكاملة، بموجب قانون أمريكى يحظر تمويل أى منظمة تابعة للأمم المتحدة، تمنح العضوية الكاملة لأى كيان لا يتمتع بخصائص الدولة!