رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حماس فى طهران!

على رأس وفد يضم عددًا من قيادات الحركة، ذهب إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لـ«حركة حماس»، الثلاثاء الماضى، إلى إيران. وأظهرت صورة نشرتها وسائل إعلام إيرانية أن «هنية» وأعضاء الوفد كانوا حفاة، أو بلا أحذية، خلال اجتماعهم مع المرشد الإيرانى على خامنئى، الذى لم يخلع حذاءه، والذى نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية أنه أشاد بـ«الصمود المثالى للمقاومة»، وأكد أن إيران لن تتردد فى دعم القضية الفلسطينية وأهالى غزة المظلومين والمقاومين.

فى زيارته الثانية لإيران منذ هجمات ٧ أكتوبر، اجتمع رئيس المكتب السياسى لـ«حركة حماس»، أيضًا، مع حسين أمير عبداللهيان، وزير الخارجية الإيرانى، ثم التقى، أمس الأول الأربعاء، الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى. وقيل إنه ناقش معهما «مجمل التطورات المتعلقة بالحرب الدائرة، سياسيًا وميدانيًا، وتداعياتها، بما فى ذلك قرار مجلس الأمن الدولى، الذى صدر الإثنين الماضى»، و... و... وكان لافتًا أن أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى، لم يلتفت إلى ذلك كله، واكتفى بالسخرية من قادة «حماس»، فى حسابه على شبكة «إكس»، بزعمه أن «سيدهم خامنئى» أذلهم وأجبرهم على خلع أحذيتهم بينما كان يرتدى حذاءه، مضيفًا أن «حماس دمرت قطاع غزة فى خدمة عدو العرب إيران».

وسط مظاهرات وفعاليات منددة بجرائم الاحتلال الإسرائيلى ضد المدنيين فى قطاع غزة، تتعالى الأصوات فى إيران، منذ بداية العدوان، مطالبة السلطات بالانخراط فى المعركة، وتناشدها الإفراج عن صواريخها الباليستية وأسراب الطائرات المسيّرة لقلب موازين القوى. وفى حسابها على شبكة «إكس»، كتبت آمنة سادات ذبيح بور، المذيعة فى التليفزيون الإيرانى، مثلًا، أن «المتظاهرين الغاضبين فى إيران يقولون إن الصاروخ الذى لا يتم إطلاقه اليوم ليس سوى قطعة حديد متروكة فى المخزن». ومع ذلك، قيل إن المرشد الإيرانى أبلغ هنية بأن إيران لن تحارب مع الحركة، أو نيابة عنها، ولن تتدخل بشكل مباشر.

كان «هنية»، المقيم فى قطر، قد زار العاصمة الإيرانية طهران فى ٦ نوفمبر الماضى. وخلال تلك الزيارة نقلت وكالة «رويترز» عن ٣ مسئولين كبار أن المرشد الإيرانى قال إن طهران لن تتدخل بشكل مباشر فى الحرب الجارية لأن حماس لم تبلغها بهجوم السابع من أكتوبر، لكنها ستواصل تقديم دعمها السياسى والمعنوى للحركة. وفى التقرير ذاته، الذى نفت «حماس» ما ورد فيه، نقلت «رويترز» عن مسئول فى «حماس» أن المرشد الإيرانى حث رئيس المكتب السياسى للحركة على إسكات أصوات فى داخلها تدعو علنًا إيران وحزب الله اللبنانى إلى الانخراط بكل قوتهما فى المعركة ضد إسرائيل.

الأرجح، أن إيران تحاول إظهار نفسها كمن يملك مفاتيح أزمات المنطقة، لتحقيق بعض المكاسب فى المفاوضات المتعلقة بملفها النووى وقضايا أخرى، أو فى مواجهة الضغوط الأمريكية والغربية والإقليمية. وغالبًا، لم يكن مجرد «زلّة لسان»، تصريح المتحدث باسم «الحرس الثورى الإيرانى»، بشأن هجمات ٧ أكتوبر كانت ردًا على اغتيال قاسم سليمانى، أو انتقامًا لـ«قائد فيلق القدس»، بل كان هذا التصريح، فى رأى كثيرين، يحمل إشارات، ارتبط بعضها بالتوقيت، على أن إيران تريد أن تضع بصمتها، أو تدعى شراكتها فى «طوفان الأقصى»، مع أن كبار مسئوليها نفوا، بشكل متكرر، مشاركتها فى الهجمات أو فى التخطيط لها. بالضبط، كما نفوا أى علاقة لطهران بالهجمات التى استهدفت القوات الأمريكية فى سوريا والعراق، لأكثر من ١٠٠ مرة، وكذا هجمات الحوثيين، التى قد تشلّ حركة الملاحة فى البحر الأحمر.

.. وتبقى الإشارة إلى أن على خامنئى يشغل منصب المرشد، أو «الولى الفقيه»، أو «القائد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية»، منذ ٤ يونيو ١٩٨٩ بعد وفاة روح الله الخمينى، أوّل مرشد إيرانى. وربما الإشارة مهمة أيضًا إلى أن المادة الخامسة من دستور إيران تنص على أن ولاية الأمر وإمامة الأمة فى الجمهورية الإسلامية الإيرانية فى زمن غيبة الإمام المهدى تكون بيد الفقيه العادل المتقى العالم بأمور زمانه، الشجاع الكفء فى الإدارة والتدبير، الذى يتولّى هذا المنصب!