رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجميع يتاجر بفلسطين

يزخر التاريخ بحوادث ووقائع ميليودرامية تتخطى العقول وتتجاوز المعقول.

ولكن المشكلة الفلسطينية قد تجاوزت كل المتجاوز فمنذ البداية، وبالرغم من أن المشكلة قد خلقها وأوجدها الاستعمار الغربى بدءا من المانيا إلى الاستعمار البريطانى وصولا إلي الاستعمار الأمريكى. ومع ذلك وجدنا ونجد الجميع يتصدى لتلك الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى بشرا وأرضا بتلك القرارات الدولية التى تجاوزت المئات، والتى لم يتم تنفيذ أى قرار من تلك القرارات التى لم تساوى الورق الذى كتبت عليه، ومازال المشهد مستمرا يتم الاصطفاف مع ووراء إسرائيل دائما وأبدا وبشكل سافر لا يعرف الخجل ولا يدرك الحق.

وعندما يكون هناك رأى عام عالمى ذات تأثير نرى تلك الماكينة الإعلامية الغربية تتشدق بتلك الأكاذيب تحت مسمى حقوق الإنسان وعدم قتل المدنيين! وهذا ما نراه الآن ومنذ أحداث غزة ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.

فبعد عمليات القتل والهدم والسحق للشعب الفلسطينى فى غزة. ثار الرأى العام العالمى، وكانت شكوى جنوب إفريقيا عن طريق محكمة العدل الدولية وصدور قرار ٢٧٢٨ من مجلس الأمن بوقف القتال وعدم اعتراض أمريكا ذرا للرماد فى العيون.

لم ينفذ لا توصيات المحكمة ولا قرار مجلس الأمن. وعند مهاجمة إيران لإسرائيل (حفظا لماء الوجه) بضربة محددة ومتفق عليها سابقا بين إيران وأمريكا كانت أمريكا وبريطانيا وفرنسا هم الحماة الحقيقيون لإسرائيل فى صد الهجوم مما حوله إلى حالة نفسية لا عسكرية. وليس هذا فحسب. فلم تستنكر هذه الدول اعتداء إسرائيل على أرض إيرانية فى دمشق فى الوقت الذى تم فيه التصدى العسكرى لهجمة إيران، بل والأهم هو استنفار مجلس الأمن ضد الهجمة الإيرانية، وكأنها كانت فعلا وليست رد فعل.

 هنا دعنا نقول. نعم الهجمة غير مسبوقة فى الصراع مع إسرائيل بالوصول إلى الداخل الإسرائيلى باستثناء الضربة العراقية سابقا. ولكن هل كان الهجوم الإيرانى من أجل غزة أو القضية الفلسطينية أم كانت فى إطار الصراع بين إيران وإسرائيل، ومن ورائها من القوى الاستعمارية بسبب المفاعل النووى؟ فى الوقت الذى تتعالى فيه الشعارات حول إنقاذ القدس والدفاع عن الأقصى.

أما الواقع العربى والإسلامى فقل ما تريد من مواقف مظهرية وشعارات رنانة حول القضية والقدس والأقصى حتى أصبحت تلك الشعارات هى الورقة التى يتم بها تبرير تلك العمليات التطبيعية التى تجاوزت الواقع وكل واقع! والكل مازال، وسيظل يتاجر بالقضية!! أما الهم الأكبر والخزى الأعلى هو الواقع الفلسطينى نفسه!

فالصراع الفلسطينى الفلسطينى بين فتح وبين حماس وبعض المنظمات المقاومة، والذى تجاوز حدود الخلاف الطبيعى والمشروع بين الرأى والراى الآخر لصالح القضية. كان قد تحول إلى صراع صفرى يجاهد فيه كل طرف لإزاحة كل الأطراف الأخرى حتى يفوز بلا شيء (أرض محتلة وشعب مقهور).

ودليل ذلك تلك الملاسنات والمشاحنات على مدار الساعة بين حماس وفتح. وآخر الأحداث كان عملية القبض من ناحية حماس على بعض أفراد منظمة التحرير فى غزة بحجة أنهم جواسيس!

فهل هذا السلوك وتلك المواقف ليس لها أى علاقة بصالح القضية وبصالح الشعب الفلسطينى؟ وهل يمكن فى ظل هذا الوضع المتردى أن يتم أو أن يكون هناك أى أمل فى وجود دولة فلسطينية؟ نعم نحن مع المقاومة فلا تحرر من استعمار دون مقاومة شعبية وحقيقية.

ولكن لا بد لتلك المقاومة أن يكون لديها بجوار الجناح العسكرى جناحا سياسيا. فالمقاومة العسكرية لن تظل إلى الأبد ولكن حصيلة نجاحات المقاومة لا بد أن تتبلور سياسيا على مائدة مفاوضات. فأين الجناح السياسى لحماس؟ هنا لا بد من تفعيل العقل. نعم تعنت إسرائيل الحادث هو طبيعة إسرائيلية طوال الوقت استنادا للقوى الاستعمارية. ولكن لا بد أن تدرك حماس أن رفض المتاح تكتيكيا لحين الاستعداد لكل ما هو استراتيجى يحتاج إلى السياسة.

مع العلم أن كل هذا الوقت المستنفز يدفع ثمنه الغالى والغالى جدًا ذلك الشعب الغلبان فى غزة والضفة. فالقضية لن تحل فى ضوء واقع صراعى فلسطينى وواقع عربى وإسلامي لا يريد تفعيل كل الأوراق التى بيده فى مواجهة المصالح الاستعمارية فى المنطقة. فهل يمكن أن نتوحد ونفعل إمكانياتنا ليس من أجل فلسطين فقط، ولكن من أجل سلامة الأوطان والشعوب العربية التى هى مستهدفة مثل فلسطين آجلا أو عاجلا.

حمى الله الشعب الفلسطينى ومصر وشعبها العظيم الذى دائمًا يدفع الثمن راضيًا مرضيًا.