رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفاوضات القاهرة الصعبة

مع النظر فى تقارير عن اكتشاف مقابر جماعية بمحيط مستشفيين فى قطاع غزة، تناول مجلس الأمن، «المفاوضات الصعبة» التى تستضيفها القاهرة، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فى جلسة مغلقة، عقدها الثلاثاء، بعد مناقشات منفصلة جرت، مساء الإثنين، حول مشروع قرار اقترحته فرنسا، يطالب بـ«وقف فورى لإطلاق النار والإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن».

بحضور جميع الأطراف، جرى استئناف مفاوضات القاهرة، أمس، الأربعاء، بشأن صفقة التهدئة، التى اقترحتها مصر، ووافقت عليها حركة «حماس»، الإثنين الماضى، والتى كنا قد أشرنا، إلى أنها تتضمن ثلاث مراحل متصلة ومترابطة، مدة كل منها ٤٢ يومًا، وتستهدف، إجمالًا، تبادل الأسرى والمحتجزين، ووقف إطلاق النار الدائم، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وصولًا إلى إعادة إعمار القطاع. كما كنا قد أشرنا، أيضًا، إلى أن المفاوض المصرى، بذل كل ما فى وسعه، ولا يزال، لإنقاذ الصفقة، ورتق ما بدا أن الحكومة الإسرائيلية وحركة «حماس»، تحرصان على توسيعه.

عن مسئولين إسرائيليين، نقل موقع «أكسيوس» الأمريكى، أن إعلان حركة حماس عن موافقتها على الصفقة فاجأ تل أبيب، ووضع حكومة بنيامين نتنياهو فى مأزق. ولوكالة «رويترز» قال مسئول أمريكى إن رئيس الوزراء الإسرائيلى، ومجلس الحرب، لا يتعاملان مع المفاوضات بحسن نية. وفى مقال نشرته جريدة «هآرتس» العبرية، كتب عاموس هارئيل، المحلل العسكرى للجريدة، أن مصادر سياسية إسرائيلية ذكرت «أن مصر والولايات المتحدة ربما توصلتا إلى تفاهم خلف ظهر إسرائيل»، ورأى «أن هذه الأقاويل إشارة أولية من نتنياهو إلى أنه سيرفض الصفقة بعد رد حماس الإيجابى»!

مع ذلك، قال جون كيربى، منسق الاتصالات الاستراتيجية فى مجلس الأمن القومى الأمريكى، إن البيت الأبيض متفائل بشأن إمكانية تضييق الفجوات بين حماس وإسرائيل. كما يراهن مساعدو الرئيس بايدن على إتمام صفقة التهدئة، ويرون أن وقف إطلاق النار سيمنح الرئيس متنفسًا، وسط احتجاجات واسعة النطاق ومخاوف من فوضى متوقعة خلال مؤتمر الحزب الديمقراطى المقرر عقده فى أغسطس المقبل. ولعلك تتذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان قد أكد أنه يتابع عن كثب التطورات الإيجابية، التى تمر بها المفاوضات الحالية، للتوصل إلى هدنة شاملة فى قطاع غزة، داعيًا كل الأطراف إلى بذل المزيد من الجهد للوصول إلى اتفاق يؤدى إلى إنهاء المأساة الإنسانية، التى يعانى منها الشعب الفلسطينى الشقيق.

اللافت، هو أن الولايات المتحدة أعلنت، الثلاثاء، عن تعليق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بعد أن فشلت الحكومة الإسرائيلية فى معالجة «مخاوف» الإدارة الأمريكية إزاء خطط اجتياح مدينة رفح. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، زار القاهرة، فى اليوم نفسه، واستقبله الفريق أول محمد زكى، القائد العام لقواتنا المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، الذى وصف العلاقات، التى تربط القوات المسلحة المصرية والأمريكية، بأنها «متميزة»، وأكد أهمية تنسيق الجهود بين كل القوى الفاعلة فى المجتمع الدولى للوصول إلى التهدئة ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة وتكثيف إنفاذ المساعدات عبر معبر رفح. وفى هذا السياق، أشاد قائد القيادة المركزية الأمريكية بجهود مصر تجاه هذه الأزمة، وبدورها المحورى فى تحقيق الأمن والاستقرار والتوازن بالمنطقة، مؤكدًا حرص بلاده على دعم علاقات الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المستمر بين القوات المسلحة المصرية والأمريكية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن أعضاء مجلس الأمن، استمعوا، خلال جلسة الثلاثاء، إلى إحاطتين بشأن المقابر الجماعية، التى تم اكتشافها فى محيط مجمعى النصر والشفاء الطبيين، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منهما فى أبريل الماضى، إحداهما من فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان، الذى دعا إلى إجراء «تحقيق مستقل فى الظروف المحيطة بتلك المقابر الجماعية». وفى الإحاطة الأخرى، أكدت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، أن هناك «أسبابًا معقولة» تشير إلى ارتكاب إسرائيل «جريمة الإبادة الجماعية».